السبت، 13 أغسطس 2011

قراءة علمية لـ "الأنثى هي الأصل"




الانثى هي الاصل

الانثى هي الاصل
يحذر العلماء اليوم من ان الرجل يتهدده خطر الانقراض. بعد دراسة الخارطة الجينية للانسان اكتشف العلماء الخطر الذي يحدق بالرجل. الكرومسوم الذكري ممتلئ ببقايا جينات لاعمل لها. والكرومسوم نفسه يتضائل. منذ فترة نشوءه قبل 300 مليون سنة، اذ انه فقد ثلث حجمه، 97% من مورثاته الاصلية. بعض العلماء يتوقعون اختفائه نهائيا قبل انقضاء مئة مليون سنة. الامر الذي يعني انقراض الرجل بشكله الحالي، ليصبح مجرد "صفات ذكرية" عند بعض النساء.

الرجل يخلق من كرومسوم واحد 

الكرومسوم الذكري هو النصف الاخر للصبغية رقم 23 التي تحسم جنس المولود. غير ان هنا الغرابة. فبينما تتناسب وتتطابق بقية الصبغيات (الكرومسومات) نجد ان النصف الاول( X) والنصف الاخر (Y) مختلفان للغاية. الكرومسوم الانثوي يملك 3000 مورثة مختلفة، بينما الذكري باقي به 50 فقط. لحسن الحظ يملك الرجل النصف الاخر الانثوي الذي يزوده بالمورثات الضرورية. الوظيفة الوحيدة الباقية للكرومسوم الذكري، هي ابقاء الذكورية. 
الطبيعة في الاصل تبدء بتشكيل النمو انطلاقا من ان الجميع سيصبحون "امرأة"، وفقط مورث واحد ذكري هو الذي "يغير" الاتجاه. هذا المورث يسمى (
YRS) ووظيفته اطلاق تشكيل الخصاوي، التي تبدء بفرز الهرمون الذكري: تيستوستيرون ومواد اخرى ضرورية لتحويل الطفل الى ذكر. لهذا السبب بالذات نجد ان الرجال يحتفظون ليس بالحلمات الثديية وانما حتى بالبنية الداخلية للثدي، رغم انهم لايحتاجونها. اذا جرى خطأ في وظيفة هذا الهرمون يستمر الطفل بالتتطور بالشكل الطبيعي الى بنت.

نصف الجينات على الكرومسوم الذكري تتعلق وظائفها بنمو الحيوانات المنوية ونضجها، ومن الممكن نظريا ان توجد على اي كرومسوم انثوي بدون الحاجة لكرومسوم ذكري خاص. او يمكن ان يتشكل الذكر بميكانيكيزم اخر لايحتوي على كرومسوم ذكري نهائيا تماما كما عند التماسيح مثلا، اذ ان الحرارة هي التي تقرر "جنس" المواليد وليس الكرومسوم.

اذا ماجرت طفرة تؤدي الى نقل الجين (
YRS) الى كرومسوم اخر، لن تعود هناك حاجة الة الكرومسوم الذكري الخاص، وسيؤدي ذلك على الاغلب الى زواله. عندها يصبح للجميع كرومسومات انثوية فقط، وبالتالي من هذه الزاوية يصبح الجميع نساء.

بالطبع تبقى هناك حاجة لوجود الرجل من اجل التكاثر، ولكن هل سيبقى الوضع على ماعليه الحال اليوم؟ اليس من الممكن ظهور اختلال بعدد الرجال بالنسبة الى عدد الاناث كما عليه الحال في عالم الحيون؟ إلا انه من المؤكد ان قفز الجينات من كرومسوم الى اخر امر محتمل تماما اذ انه خاصة من خاصيات الجينات، الامر الذي يشير الى شدة وواقعية الخطر المحدق على الجين الذكوري.


اصل الاختلاف وسبب الضعف 
الكرومسوم الذكري يشكل الحلقة الضعيفة بالمقارنة مع النصف الثاني ، الكرومسوم الانثوي. اذ ان الكرومسوم الذكري لم يكن إلا نتائج طفرة جرت قبل 200-300 مليون عام، ليتميز عن القاعدة التي هي الكرومسوم الانثوي. في ذلك الزمن حدث ان مورث سقط في مكانه بالعكس، عند حدوث عملية بناء الكرومسوم الامر الذي جعل الانصاف غير متتطابقة ومتناسبة مع بعضها البعض، الامر الذي اثر على تتالي الاحداث. 

احد اهم الاحداث التي تجري بين النصفين الكرومسومي العملية المسماة التبادل المتصالب. كل مورث في احد الكرومسومات يجلس مقابل الاخر. في مكانات مختلفة وبشكل غير نظامي يحدث ان يتبادل المورثات اماكنهم المتقابلة. 


بسبب التبدل الذي حصل في الكرومسوم الذكري، ظهر جزء لم يعد يتناسب مع مقابله من الكرومسوم الانثوي، وبهذا الجزء لم يعد يجري تبادل تصالبي. هذا الامر لم يؤثر على الكرومسوم الانثوي لانه يتم تبادله مع كرومسوم انثوي عبر الاجيال، في حين الذكري يبقى معزول عن عملية تبادل الامر الذي يؤدي الى ازمة تتطور فادحة. لم يعد يستطيع اعادة تجديد نفسه.


كرومسوم الذكر، هل يتحول الى نفايات 


الجزء الذكري لم يعد قادر على اعادة اصلاح ذاته وبالتالي اصبح مملوء بالطفرات. الامر الذي عطل الكثير من الجينات وفي النهاية حول الكرومسوم الذكري الى مزبلة جينات. بعد 130 مليون سنة اخرى من التغيير الاول، حدث من جديد ان جزء جيني اخر عكس مكانه في الكرومسوم. ليصبح هو ايضا معزول عن عملية اعادة البناء. هذا الامر حدث اربع مرات في الكرومسوم اخرها قبل 30 مليون سنة. النتيجة ان 5% من الكرومسوم قادر اليوم على اعادة بناء وتصليح نفسه وبالتالي حماية نفسه ضد الطفرات الضارة.

العلماء وضعوا خارطة تاريخ الكرومسوم الذكري، بنفس طريقة دراسة القرابة الجينية. ومن مقارنة الخريطة الجينية مع الحيوانات الاخرى يصل العلماء الى ان التغيير الاول حدث عند ظهور القوارض من السحالي، اما الثانية فعند ظهور الحيوانات الكيسية، اما الثالثة فعند ظهور الحيوانات اللبونة اما الاخيرة فعند ظهور الانسان القردي والانسان.

الحياة لم تكن ثنائية الجنس

فى البدايات الأولى للحياة ولفترة طويلة كانت الحياة أكثر بساطة, التكاثر اعتمد اللاجنسي الذي لم يملك ميكانيزم تمايز فعال ، حيث المادة الوراثية نسخة طبق الاصل تعود الى المنشأ واصطلاحاً نسميه الام، بمعنى انه لم يكن هناك تحديد الجنس على أساس ازواج من الكروموسومات الناشئة عن جنسين منفصلين، كما لم يكن هناك X Y chromosomes

فى ذبابة الفاكهة على سبيل المثال نسبة ال
X كروموسوم إلى الأوتوسوم هى المحددة للجنس. و في التماسيح ، تلعب الكروموسومات دورا هامشيّا - حيث درجة حرارة الشمس هي التي تحدد الجنس. 


عند الاصداف البحرية من نوع 
Slipper limpets نجد ان الجنس متغير ويحدده موقع الصدفة عندما تتلاصق مع مجموعة الاصداف الاخرى، فالجانب الملتصق بالصدفة الاخرى يكون انثوي، في حين الصدفة التي تكون بين صدفتين يصبح احد جوانبها ذكري ليلقح الصدفة الاخرى الى اليمين مثلا، في حين يكون جانبها الايسر انثوي يتلقح من الصدفة الواقعة الى اليسار.

النموذج الاكثر غرابة نجده عند الدودة المسماة 
Bonellia viridis حيث ان يرقاتها التي تستقر في قاع المحيط تتحول الى اناث بطول 10 سم، في حين اليرقات التي تصل بعدها تُجذب الى الاناث فتبتلعها وتتحول الى ذكور بالغة الصغر في بطنها لتنتج الحيوانات المنوية مباشرة في داخل الانثى.

بدأ التكاثر الجنسي الثنائي في فترة لاحقة الامر الذي سمح بالتنوع وبالتالى أصبحت قدرة النوع على قهر الطفيليات والأمراض المختلفة أكبر وبالتالى جعل فرصته فى البقاء اكبر,فالتكاثر جنسى قد يكون أبطأ ولكنه أسرع من الناحية التطورية,سريع التأقلم والتخلص من الطفرات مؤذية. حتى هذا الوقت كان التمايز الجنسي الى ذكر أو أنثى يعتمد اعتمادا كليا على الظروف البيئية ,

وفي الوقت الذي نرى اشكالا مختلفة للتكاثر ضمن آحادية الجنس نرى ان انواعاً اخرى قد طورت نظاما للتكاثر على اساس التنوع الكروموسوي من نظام 
XX&XY حيث الافراد الذين يحصلون وعن طريق الصدفة على الكروموسوم Y يصبحون ذكور في حين الذين لايحصلون عليه يبقون إناث. ويبقى ان القدرة على تغيير الجنس حسب الحاجة والظروف امراً شائعاً وليس على الاطلاق شذوذ عن القاعدة اكثر مما يعتقد وهو منتشر بين مختلف المستويات من الكائنات الحية إبتداً بالحشرات مروراً بالاسماك وانتهاء بالفقريات.
نرى مثلا ان بعض الحلزونات تنمو كذكر، وبعد ذلك يتحول إلى أنثى، السمك المهرجclownfish له ظاهرة عجيبة إذ تتجمع هذه الأسماك على شكل هرمي في مجموعات، بحيث تحتل الأنثى قمة هذا التجمع الهرمي، وبعد موتها، يصعد أحد الذكور من أسفل التجمع إلى مكانها ويتحول إلى أنثى. وفي الصورة تظهر مجموعة من سمكclownfish






بخصوص الإنسان،
 فهناك خلل وراثي
 Testicular Feminization Syndrome ، والذي ينتج إنسان له جسم أنثى وجينات ذكر! وهذا يطرح تساؤلاً أخلاقيًا وفلسفيًا صعبًا أمام الأديان، وللمزيد من التعقيد، فهناك الخنثى الحقيقي والذي يولد جامعًا للذكر والأنثى سويًا، فهذه المشكلة تستحق أن تسمى "مصيبة" في أبعادها الشرعية والدينية، فمثلا هل ينبغي لهذا الانسان ان يتحجب؟

الكروموسومات
X&Y عند االبشريشكلون حالة فريدة بالمقارنة بالكروموسومات الأخرى,
فأزواج الكروموسومات الأخرى(
autosomes),تبدوا وكانها توائم متماثلة ويتعذر التمييز بينهم سطحيا. و على العكس تماما, X و Y يبدوان مختلفين بشكل واضح.


لماذا كروموسومات الجنس مختلفة بهذا الشكل؟

فالكروموسوم Y يبلغ حجمه فقط واحد الى ثلاثة بالنسبة لحجم X. و بالتالى فأطراف هذه الكروموسومات فقط تتبادل الجينات recombine .وهكذا, معظم الكروموسوم Y يورث من الأب إلى الابن بشكل هو أقرب الى التزاوج اللاجنسي. وبلا recombination ليس هناك reassortment .


لذلك فرصة كروموسوم Y بأن يراكم تغييرات أسرع من X. ,ولا يحدث تحلل كروموسوم Xأثناء الانقسام الميوزيmeiosis عند الأنثى ,اذ أن هناك X اخر يقوم بدور شريك كامل في عملية االrecombination.

وسنحاول هنا أن نسافر في الوقت حينما كان أسلافنا أقرب الى صورة الزواحف ونتأمل سويا في العمليات التي شكلت الكروموسومات 
Y&X.

كيف أصبح كروموسوم
Y بهذا الصغر بالمقارنة برفيقه X ؟
الصورة التالية توضح رحلة كروموسومات الجنس على مدار 350 مليون سنة منذ كانت بروتوX,Y متماثلين فى أسلافنا (الشبه –زواحف).










وبمرور الوقت, التغيرات البنيوية فى الكروموسوم بروتو Y(وتراكم جينات اضافيه مسؤولة عن التطور الذكوري في هذا الكروموسوم) أفقده القدرة على الrecombination مع رفيقه الكروموسوم بروتوX تسببت فى الشكل االحالى, وهى المسؤولة عن التطور الذكوري. وبدون الدخول الى تفاصيل أكثر تخصصا من الممكن أن نقول أن بدراسة كروموسوم X (رفيق درب كروموسوم Y و انعكاسه) سنجد أربعة مناطق تقودنا الى أربع مراحل كبيرة مختلفة فى تطور كروموسوم Y. (على سبيل المثال بعد أول طفرة ظهر للوجود و لأول مرة جينٍSRY الذى هو الأكثر أهمية فى تطور الذكور). <
وكل مرة بعد كل مرحلة كان كروموسوم 
Y يفقد الأجزاء non-recombining وينكمش ,وفى نفس الوقت كان رفيقه يتطور أكثر و أكثر حتى يصل الى الكروموسوم X الذى نعرفه حاليا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق